الصحة النفسية للأطفال ومشكلاتها .. ما يحتاجه طفلك لصحة نفسية أفضل
لاحظت أن ابن أختي ذو ال 3 سنوات دائم البكاء وعصبي للغاية، فكل مرة يرى فيها ابني او أي طفل صغير يحاول تعنيفه وضربه حتى أصبحت أخاف من زيارتي لها..
وعند اجتماعنا على طاولة الطعام في النادي يوما ما وجدت أن شهيته ضعيفة جدا لا يريد تناول الطعام ولا يعطي نفسه فرصة لتذوقه، وكل ما يريد فعله هو اللعب والحركة المتواصلة دون توقف أبدا.. فهل هذا طبيعي أم أنه يعاني مشكلات الصحة النفسية للأطفال .
مشكلات الصحة النفسية للأطفال
امشكلات الصحة النفسية عند الأطفال كثيرة وتختلف أسبابها وأعراضها وكذلك طرق علاجها ومن أهم تلك المشكلات:
اضطرابات القلق عند الأطفال
يشخص الطفل بأنه يعاني من اضطرابات القلق في حالتين:
- الأولى عندما لا يخاف ولا يكترث بالأشياء التي تُشعر الأطفال بالخوف في العادة.
- الحالة الثانية عندما يخاف خوفا شديدا بسبب أشياء لا تثير خوف الأطفال الطبيعيين.
وغالبا يبدأ هذا الاضطراب من سن 6 أشهر إلى 3 سنوات. ومن أمثلة تلك المخاوف:
- الخوف من البعد عن الأبوين بصورة شديدة
- الخوف من الحيوانات أو أماكن معينة خاصة تلك التي يتواجد بها العديد من الناس..
ونتأكد من تشخيص الطفل باضطراب القلق عندما تأتي تلك المخاوف في صورة نوبات مفاجئة مصحوبة بالعرق أو مشاكل في التنفس أو زيادة ضربات القلب أو الدوار.
وقد نلاحظ بعض المشاكل الجسدية التي قد تصاحب اضطرابات القلق عند الأطفال مثل:
- الصداع
- وجع المعدة
- اضطرابات النوم
- التبول اللاإرادي.
الاكتئاب عند الأطفال
حزين، فاقد للشغف، فاقد للأمل، مغلوب على أمره، تلك هي الصفات المشتركة للأطفال المصابة بالاكتئاب..
- فغالبا لا يميلون إلى اللعب.
- لا يبحثون عن المرح كبقية الأطفال
- كذلك لا يأكلون بشكل طبيعي فمنهم من يأكل بشراهة ومنهم فاقدي الشهية.
- لا ينامون عدد الساعات التي يحتاجها الطفل فمنهم من يغوص في النوم لساعات طويلة جدا ومنهم من يعاني من الأرق.
- يعانون من الشعور بالتعب والإرهاق الدائم
- وفي المراحل المتأخرة يميلون إلى أذى نفسهم أو من حولهم
وغالبا لا يشخص ولا يعالج الاكتئاب عند الأطفال في مراحله الأولى ويذهب من تلقاء نفسه كالاضطرابات العاطفية عند الكبار.
اضطرابات السلوك عند الأطفال
من أكثر اضطرابات الصحة النفسية للأطفال شيوعا، نجد فيها ردود فعل الطفل حادة ويلجأ للعنف نحو أهله أو زملاءه الذي قد يصل إلى حدوث الإصابات، وهؤلاء الأطفال غالبا ما يواجهون صعوبات في التعامل مع زملاءهم.
قد تجد هؤلاء الأطفال أيضا يميلون إلى التنمر أو إيذاء الحيوانات أو السرقة وتدمير الممتلكات العامة.
ويفضل بدء علاج اضطرابات السلوك مبكرا للحصول على نتائج أفضل .
متلازمة فرط الحركة وقلة الانتباه
يؤسفني القول إن تلك المتلازمة ليس لها علاج ولكن من السهل السيطرة على أعراضها.
فإذا وجدت طفلك غالبا مشتت الانتباه وفاقد القدرة على التركيز بجانب حركته الزائدة عن الطبيعي فأعلم أن طفلك يعاني من تلك المتلازمة التي قد تمتد معه إلى فترة المراهقة أيضا.
وهناك العديد من أعراض متلازمة فرط الحركة وقلة الانتباه التي تلفت نظرك أن هناك اضطرابا ما في الصحة النفسية للأطفال مثل:
- النسيان
- التحدث كثيرا
- عدم التفاعل مع الآخرين
- عدم الاكتراث بالمخاطر.
اضطراب الوسواس القهري عند الأطفال
وأخيرا وليس آخرا أكثر مشكلات الصحة النفسية للأطفال التي قد تعكر عليهم طفولتهم وهي الوسواس القهري.
أهم ما يميز ذلك الاضطراب هو التكرار سواء تكرار الطفل للأفكار التي تصيبه بالقلق أو عدم الراحة (الوسواس) أو تكرار الأفعال، مثل:
- غسيل اليدين
- غلق الأبواب
- التنظيم المبالغ فيه.
ويعتقد هؤلاء الأطفال أن تكرار تلك الأفعال سيجعلهم يشعرون بتحسن أو سيمنع الأشياء السيئة من الحدوث وأن من لا يفعل مثلهم فهو مخطئ.
ما يحتاجه طفلك في البيت ليتمتع بصحة نفسية سليمة
لابد أن تبدأ بنفسك أولا في مراقبة سلوكياتك مع أطفالك حتى تعزز الصحة النفسية للأطفال ، فأطفالنا هم مرآتنا.
وأهم ما يحتاجه الطفل في البيت لتعزيز صحته النفسية:
- تجنب الخلافات العائلية أمام الطفل أو الانفصال بين الأبوين ومحاولة توفير بيئة دافئة في البيت.
- تخصيص وقت للاستماع إلى الطفل والتحدث معه دون أي تعنيف وتقبله واحترامه لتكوين علاقة وطيدة بين الآباء والأطفال.
- دعم الأبوين للطفل ومساعدته على مواجهات ضغوط الحياة اليومية وتقبل تقلبات المشاعر.
- أن يحاط الطفل بأصدقاء وأقارب وجيران مقربين يوفرون له بيئة مليئة بالطاقة الإيجابية.
- تعليم الطفل كيف يعبر عن مشاعره وعما يريد.
- تشجيع الطفل على الأنشطة التي تنمي مهاراته العاطفية والعقلية والاجتماعية كممارسة الرياضة أو الالتحاق بدروس الرسم.
بعد كل تلك الخطوات ستبدأ بمراقبة ومتابعة طفلك وسلوكه، وإذا وجدت أي تغيير أو اختلاف في سلوكه تحدث معه أولا بهدوء ثم استشر الأخصائي النفسي لمنع حدوث اضطرابات في الصحة النفسية للأطفال .
تعزيز الصحة النفسية في المدارس
يخرج الطفل إلى المدرسة في سن الخامسة أو السادسة ويبدأ محاولة الاندماج في عالمه الواسع الجديد، ويرى الكثير من الوجوه الجديدة ويتعرض للعديد من المواقف التي لم يتعرض لها من قبلك..
ذلك وحده ممكن أن يسبب اضطرابا نفسيا للطفل فما بالك لو تعرض في المدرسة للتنمر أو الإيذاء النفسي أو الجسدي، لذلك فإن تعزيز الصحة النفسية في المدارس أمر في غاية الأهمية.
وقد أثبتت الدراسات أن الأطفال من سن السادسة إلى السابعة عشر معرضين جدا للاضطرابات النفسية و80% منهم لا ينالون الرعاية النفسية اللازمة وبالتالي تتأثر الصحة النفسية للأطفال .
كيفية تعزيز الصحة النفسية من خلال البيئة المدرسية
يقضي الأطفال جزء كبير من اليوم في المدرسة ونظرا لانشغال الآباء أصبح للمدرسة دور مهم في تعزيز الصحة النفسية للأطفال من خلال:
- تحدث المعلمين مع الأطفال عن الصحة النفسية وأهميتها.
- تجنب استخدام العنف اللفظي أو الجسدي
- أن يصل للطفل إحساس أنه لست وحده في ذلك العالم الكبير من خلال تقرب المعلم له
- تعيين أخصائيين نفسية مدربين في المدرسة لمتابعة الطلاب
- تعليم الطفل مهارة حل المشكلات من خلال المناهج التعليمية التي تساعده في حياته العملية
- إعطاء الأطفال الذين يعانون من اضطرابات النفسية الأولوية الأكبر ومتابعة العلاج مع آباءهم
الخلاصة
فإن الصحة النفسية للأطفال أمر مشترك بين الآباء والمدرسة يجب أن يتعاون كل منها للوصول بالطفل إلى بر الأمان ووقايته من التعرض للاضطرابات النفسية ومساعدته على تعزيز صحته النفسية ليواجه المجتمع فيما بعد بشخصية قوية متزنة قادرة على حل المشكلات.
المصادر
- Children’s Mental Disorders
- Anxiety in children
- Depression in Children
- Obsessive-Compulsive Disorder
- Conduct Disorder Basics
- Effective Ways Of Promoting Mental Health In Young Children
- PROBLEMS AT SCHOOL
- CHILDREN’S MENTAL HEALTH AND THE ROLE OF EDUCATORS
- School-Based Mental Health Services: Improving Student Learning and Well-Being
بقلم د. نهال متولي